Français | عربي | English

الصفحة الرئيسية > الصفحات العربية > تراجم القراء > الشيخ صديق المنشاوي

الشيخ صديق المنشاوي

الأربعاء 28 تموز (يوليو) 2004

ولد الشيخ صديق السيد تايب المنشاوي ببلدة " المنشأة " بمحافظة سوهاج في سنة 1898 م , وهي بلدة كانت تسمي في العصر الفرعوني " منشات " وتجاورها بلدة " أخميم " وفي الاصل " تخميم" وهما اسمان فرعونيان معناهما ( ولد العم ) ثم حرفتا إلى المنشأة وأخميم , هذة المعلومة أكدها لي الشيخ محمود صديق المنشاوي , أحد أضلاع المثلث القرآني بعد والده وشقيقه محمد رحمهما الله .

بدا الشيخ صديق حفظ القرآن على يد والده , فقد كان محفظا جيدا للقرآن وعلي سعه كبيرة من العلم , وأكمل حفظ القرآن وهو يبلغ من العمر 9 سنوات. انتقل الشيخ صديق بعد ذلك إلى القاهرة وتلقي علم القرآءات على يد الشيخ المسعودي وكان معلم قراءات مشهور بمصر في ذلك الوقت .

والتحق الشيخ بالازهر الشريف من أجل هدف واحد وضعه نصب عينيه وهو تنمية المعلومات الدينية التي ترتبط بعلوم القراءات كالتفسير وعلم اللغة إلى ان تمكن من إتقانه للقراءات العشر الكبرى فعاد إلى بلدته بمحافظة سوهاج واشتهر عنه وقتها أنه القارىء الوحيد على مستوي الصعيد فلم يكن هناك وقتها قراء مشهورون .

وهناك نذر نفسه لتلاوة القرآن فكان يجد حياته مع كتاب الله وفي ضيافته بين دفتيه مترنما بكلماته , ولم يتقاض أجرا على القرآءة ولم يتفق على أجر معين طوال حياته المديدة حتى لقي ربه.

ذات مرة دعاه أحد الناس لتلاوة قرآنيه وبعد أن انتهي الشيخ من القرآءة وضع الرجل يده في جيبه ثم أخرجها وأعطي ما بها للشيخ فقبلها على استحياء , ثم عاد الشيخ إلي بلدته وفي اليوم التالي جاءه الرجل معتذرا فقد أعطاه مليما فأكرمه الشيخ صديق المنشاوي لأنه كان على سفر وقال له : الحمد لله هذا رزقي .
وإذا كانت هذه الرواية قد وردت مع الشيخ رفعت فهي إن دلت على شيء فإنما تدل على نزاهه هؤلاء القراء فهي ليست تكرار بقدر مافيها من دروس وعبر ؟!

ويروي لي ابنه الشيخ محمود المنشاوي أنه كان لوالده صديق من كبار الأعيان يسمي محمد باشا حمادة الشريف وكان هذا الرجل يقيم المآدب يوميا طوال شهر رمضان للفقراء ويدعو الشيخ صديق لتلاوة القرآن وفي إحدي السنوات اشتري الرجل آلاف القناطير من القطن وبلغ سعر القنطار في ذلك الوقت ثلاثين جنيها ثم دهمته البورصة فأعلن إفلاسه وكان شهر رمضان قد اقترب موعده فماذا يفعل الرجل ؟

يقول الشيخ محمود : أرسل الرجل خطابا للوالد يخبره فيه أنه لم يعد ذا قدرة مالية على إحياء ليالي رمضان ولو دعاه أحد الناس فعليه أن يقبل فما كان من الشيخ صديق إلا أن ترك الخطاب وفي ليلة رؤية هلال رمضان أرسل إلى بيت الباشا كل مايلزم لإحياء هذه السنة وعاد الرجل في منتصف شهر رمضان فوجد كل شيء كما كان من قبل ووجد الشيخ يقرأ القرآن وظل الشيخ على هذه العادة لمدة ثماني سنوات إلى ان توفي محمد باشا الشريف.

وكان الشيخ يردد دائما : إنه الوفاء ولم ينس طيلة حياته أن هذا الرجل وقف بجواره يوم كانت حالته المادية بسيطة جدا فكان يعطيه خمسين قرشا كل يوم !!

عاصر الشيخ صديق كلا من الشيخ محمد رفعت والشيخ أحمد ندا والشيخ منصور بدار والشيخ علي محمود والقدامي من القراء وكان كريما يفتح بيته لكل محتاج فما كان ينفقه كثيرا حتى ظن الناس أنه مليونير.

ولم ينتقل الشيخ صديق المنشاوي إلى الاذاعة شأن غالبية القراء بل انتقلت الاذاعة إليه حيث كان يقرأ ببلدة العسيرات وهناك سجلت له عشرين شريطا أذيع منها شريط واحد فقط وللأسف فقد مسحت الشرائط كلها بعد ذلك لتسجل عليها أشياء آخرى دونما تحقيق وفقدت الاذاعة صوتا قل أن يوجد.

وحاول محمد امين حماد رئيس الاذاعة في ذلك الوقت عمل أي شيء لظهور الأشرطة فلم يستطع وطلب من الشيخ أن يستقر في القاهرة فرفض وأصر على عدم مغادرة الصعيد وقال : يكفي ابني محمد في القاهرة.

وكان الشيخ محمد قد ذاعت شهرته بالقاهرة بعد أن سجلت له الاذاعة بإسنا إحدي ليالي شهر رمضان سنة 1953 م.

وكان الشيخ يردد دائما أن أفضل قراءاته هو ماسجله للأذاعة وله سبعه أشرطة في هيئة الإذاعة البريطانية ومثلها في إذاعة سوريا .

قرأ الشيخ القرآن في كثير من محافظات مصر حتى إنه كان يتلو القرآن في محافظتي قنا وأسوان لمدة ثلاثة شهور متتاليه ولم يغادر مصر إلى أي دولة طوال حياته إلا لقضاء فريضة الحج عام 1924 م وكانت رحلة بالجمال .

كان الشيخ لا يرد طلب إنسان وذات مرة وهو يسأل عن صديق سمع حوار بين إمرأة يبدو الفقر على ملامحها وبين آخرين قائلة لهم " عندما نطاهر ابني سأطلب الشيخ صديق المنشاوي لتلاوة القرآن فسخر منها الناس ".

فما كان من الشيخ إلا أن ذهب إليهم وطلب من المرأة أن تحدد الميعاد حتى يأتي ليقرأ القرآن بل أرسل لها ماجاد الله عليه من خير.

كان الشيخ يقرأ القرآن راكعا مغمضا العينين حتي يستشعر جلال الله وترك مكتبة ضخمة تضم آلاف الكتب فقد كان شغفا بالاطلاع على كل فروع العلم والمعرفة وكان دائما ما يدخل في مناقشات علمية أو دينيه وكانت تنتهي لصالحه.

وكان الشيخ صديق يصطحب اولاده معه في حفلاته لينمي فيهم حب القرآن ..وساعدهم كثيرا في حفظ كتاب الله وكان وقته المزدحم بالعمل دفعه لإحضار قارئين لهذه المهمه.

لم يحصل الشيخ صديق على أي وسام طوال حياته وعاش للقرآن فقط وكان يقول : إن أجمل وسام يشرفني وأفتخر به هو حب الناس لي.

وقد عوضه الله بوسامين في عالم القرآءة : الأول الشيخ محمد صديق المنشاوي الذي ولد في يناير 1920 م وحفظ القرآن وعمره أحد عشر عاما على يد شيخ بلدته محمد النمكي قبل أن ينتقل إلى القاهرة مع والده وعمه ليدرس أحكام القرآن الكريم على يد الشيخ محمد أبو العلا والشيخ محمد سعودي وكان في صوته عذوبة جعلته يقفز إلى مصاف كبار القراء وسافر إلى العديد من الدول العربية والاسلامية ومنحته الحكومة الأندونيسية وساما رفيعا في منتصف الخمسينيات كما حصل على وسام الاستحقاق من الدرجة الثانية من سوريا عام 1956 وترك الشيخ محمد أكثر من مائه وخمسين تسجيلا بإذاعة مصر والاذاعات الآخري كما سجل ختمة قرآنية مرتلة لإذاعة القرآن الكريم وتوفي في يوم مولده من عام 1969 م.

والوسام الآخر : هو الشيخ محمود صديق المنشاوي ثالث فرسان القرآءة فيعائلةالمنشاوي أشهر قراء أسيوط عمل قارئا للسورة بمسجد الامام الشافعي خلفا للمرحوم الشيخ عبدالباسط محمد عبدالصمد , طاف بالعديد من الدول الاسلامية ومع اتحادهم - الأب والابناء - في نبرة الصوت إلا أن لكل منهم ميزة خاصة .

وقد كانت لفتة جميلة من الرئيس حسني مبارك ودعوة مباركة من د. محمد على محجوب وزير الأوقاف أن منح اسم المرحوم الشيخ صديق المنشاوي الوسام الذي رفع شأن القراء وجعل هناك بصيصا من الأمل في أن هناك من يقدر القرآن كما منح الرئيس أيضا محمد صديق المنشاوي وساما آخر في احتفال ليلة القدر عام 1992 م.

وفي شهر أبريل من عام 1984 م سكت الصوت الفريد بعد أن ملأ الدنيا شدوا مات السهل الممتنع الذي تكسرت عنده أصوات كثيرة , مات الشيخ , مات أمين القرآن الشيخ صديق المنشاوي عن 86 عاما رحمه الله.

ملاحظة

من كتاب أشهر من قرأ القرآن في العصر الحديث لأحمد البلك

titre documents joints

الرد على هذا المقال



 RSS 2.0 | خريطة الموقع | المجال الخاص | SPIP |
© islamophile.org 1998 - 2024. Tous droits réservés.

Toute reproduction interdite (y compris sur internet), sauf avec notre accord explicite. Usage personnel autorisé.
Les opinions exprimées sur le site islamophile.org sont celles de leurs auteurs. Exprimées dans diverses langues étrangères, ces opinions sont mises à la portée des lecteurs francophones par nos soins, à des fins d'information, de connaissance et de respect mutuels entre les différentes cultures et religions du monde.